الإصلاح يقفز خطوتين وفي انتظار الثالثة

2018-09-12 14:36:25.000
| مشاهدة 492
| مشاركة الخبر علي : |
| طباعة :
الخرطوم 12-9-2018م (سونا) كتب- سعيد الطيب
قفزت عملية إصلاح الدولة- التي انطلقت قبل ثلاث سنوات مستهدفة الإصلاح السياسي والاقتصادي ودولاب الحكم- قفزتين صوب تحقيق الأهداف الوطنية، وبعد انقضاء (16) شهرا من تشكيل حكومة الوفاق الوطني في 11مايو 2017م استدعى الأمر أعمال مراجعة وتقييم وتقويم شامل لمسيرة الحكم المركزي والولائي بكلياته المؤسسية وأجهزته التنفيذية (حكومة الوفاق الوطني) وسط المتغيرات المحلية والإقليمية والدولية المتمثلة في جملة من التحديات والضغوطات والموازنات كان لابد من إجراء إصلاحات هيكلية في جسد السلطتين المركزية والولائية يبدأ أولا بتقليص حجم الحكومة.
قال رئيس الجمهورية المشير عمر البشير بمناسبة حل حكومة الوفاق الوطني وتقليصها إلى (21) وزارة بعد أن كانت (31) إن البلاد تغلبت على التحديات الاقتصادية بالاعتماد على الذات، من بعد الله، بالتركيز على حفز الإنتاج في المشروعات الزراعية الكبيرة لسد الاحتياجات الغذائية وتعزيز الصادرات، مؤكدا على مواصلة هيكلة الجهاز التنفيذي لضمان حسن التوظيف للموارد وذلك إعمالاً لمبدأ تخفيض الإنفاق العام الذي يجسد مبدأ مركزياً في إنفاذ البرنامج الوطني للتوازن الاقتصادي.
إذن ستواصل الحكومة التي ستشكل لاحقا في برنامج إعادة الهيكلة بمتابعة لصيقة لضمان الإنفاق على قدر الحاجة التي تضمن فاعلية الأداء دون ترهل أو صرف غير ضروري وفقا لحديث الرئيس وإن الدولة تتجه، وفي إطار مواجهة التحديات الاقتصادية، لتنفيذ مشروع متكامل لإعادة هيكلة الجهاز التنفيذي على مستوى رئاسة الجمهورية ترشيداً وقضاءً على الترهل الوظيفي بجانب إعادة هيكلة التمثيل الخارجي لخفض مصروفات العمل الخارجي وضمان حسن التوظيف للموارد وذلك إعمالاً لمبدأ تخفيض الإنفاق العام الذي يجسد مبدأ مركزياً في إنفاذ البرنامج الوطني للتوازن الاقتصادي.
القفزة الأولى الإصلاحية طالت جسد الحكومة (السمين) وها هي ومن خلال القرارات الرئاسية تحاول أن تجعل منه جسدا رشيقا غير مترهل فاعل وفعّال وإن اقتضت الحاجة والضرورة مزيدا من التخفيض في التمثيل الخارجي فسوف تكون بما يحقق الاتساق بين حسن أداء المهام و بين ضبط الصرف الحكومي بهدف واحد وهو إصلاح الخدمة المدنية وتطوير الوظيفة العامة للوصول إلى خدمة مدنية مؤهلة مدربة تستخدم التقنية وفق أعلى معايير الجودة والتميز خدمة للمواطن وللمجتمع.
لقد أعلن رئيس الجمهورية التنفيذ الصارم والمتابعة التقويمية الرشيدة لكل الالتزامات المتعلقة بمراجعة هيكل السلطة على كل المستويات من خلال المزاوجة بين عناصر فاعلية الأداء المؤسسي وترشيد الإنفاق العام والتنوع في المشاركة. وقال إنه سيفي بكافة الالتزامات التي قطعها في خطابه السابق بمناسبة عيد الأضحى المبارك والتي جاء من بينها التزام الرئاسة القاطع بمراجعة تلك الهياكل على المستويين الاتحادي والولائي وعلى مستوى المؤسسات العامة للدولة لتحقيق التوازن الاقتصادي، وذلك من خلال المزاوجة بين عناصر ثلاثة تتضمن توفر فاعلية الأداء المؤسسي، ترشـيد الإنفاق العـــام عند حده الضروري والمحافظة النسبية على تنوع المشاركة وفق روح الحوار الوطني.
من المعلوم تماماً أن تقليص المحليات والوزارات من أبجديات برنامج إصلاح الدولة الذي يهدف إلى تقليل الإنفاق الحكومي وتبني نهج تقشفي، وبحسب إحصاء غير رسمي فقد بلغت جملة الدستوريين والتشريعيين بالولايات (1005) ولاة ووزراء ومعتمدين ومعتمدين برئاسة الولاية ومستشارين، وكل هذا العدد اعتبرته الحكومة توسعة للمشاركة السياسية، الأمر الذي ألقى بظلال وخيمة على الموازنة العامة للبلاد، وأسهم في رفع الإنفاق الحكومي، وزيادة عدد الدستوريين بصورة اعتبرها كثيرون غير مسبوقة في تاريخ البلاد.
كان عدد الولايات قبل انفصال الجنوب (26) ولاية على رأس كل ولاية نحو سبع محليات ليشكل العدد بعد الانفصال (18) ولاية ولكنها توسعت كثيراً على مستوى المحليات التي تجاوزت (133) محلية. هذا الأمر أدى إلى تراجع مستوى الأداء التنفيذي والخدمي، وأصبحت الولايات والمحليات تعتمد بصورة رئيسية على الدعم المادي الاتحادي، الأمر الذي اعتبره خبراء في مجال الحكم المحلي سبباً في فشل التجربة وهز ثقة المواطن في المستوى الأدنى من الحكم.
أخيراً ينتظر المواطن البسيط القفزة الثالثة من مسيرة الإصلاح السياسي والاقتصادي والتي تقدمت قفزتين بإعلان حل الحكومة والاتجاه إلى تشكيل أخرى مقلصة (11) وزارة، ينتظر ترجمة تحية رئيس الجمهورية المشير عمر البشير حينما حيا المواطنين لتفهمهم العميق للظروف الاقتصادية والأوضاع المعيشية وما أبدوه من صبر ومصابرة عبرت عن مواقف وطنيـة صادقة قطعت الطريق على كل من راهن على حدوث توترات اجتماعية جراء ذلك، قائلاً: (إن هذه المواقف هي ديدن شعبنا في مواجهة كل التحديات التي برزت في مسيرة البناء الوطني). موجهاً تحاياه شكراً وإجلالاً وتقديراً لما أبداه المواطنون من صبر ومصابرة وهي تحديات أفرزها حصار اقتصادي جائر وتضييق بل إغلاق مخطط على منافذ الموارد الخارجية جراء تمسك بلادنا بمبادئها وصيانتها لاستقلالها، وعدم ارتهان مواقفها المبدئية لإغراءات الدعم والمساندة. ونرجو ألا تطول ترجمة التحية إلى فعل ملحوظ وعمل محفوظ قبيل انطلاق الانتخابات القادمة بعد عام ونصف العام إن شاء الله.