
مروي 1_10_2023 (سونا)
تقرير : لينة عوض محمد
ادت حرب الخرطوم التي اندلعت في ١٥ أبريل للعام ٢٠٢٣ حتى اليوم بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع المتمردة، إلى تدهور الوضع الإقتصادي والأمني في العاصمة ، واستحالت السبل لتوفير حياة آمنة ، و أصبحت الولايات السودانية هي البقعة المباركة التي نزحت إليها الكثير من الأسر ، وما بين الحزن على ماض غير مُدرَك ومستقبل غير واضح ؛ وما بينهما من حاضرٍ يشوبه القلق ؛ استقبلت الولايات شعب الخرطوم برحابة صدر دافئة ، رغم ما يشكوه البعض من استغلال تجار الأزمات وحكم قبضتهم على رقاب الوافدين، إلا أن هناك متسع لكل سوداني في هذه الأرض الطيبة .
الولاية الشمالية: في تقرير اعدته مفوضية العون الإنساني ذكرت فيه استقبال الولاية الشمالية منذ يوم الخميس الموافق 20/4/2023م وحتى يوم 13/7/2023 أكثر من 2.166.000 نازح قادمون من مختلف الولايات وعلى رأسها الخرطوم ، وبعض الذين نزحوا إلى الولاية عبروا الحدود الى جمهورية مصر وبقيتهم استقر بالولاية بمدنها المختلفة ،و تم تجهيز الوجبات في كل مناطق الولاية وتركز وجودهم بكل من حلفا وعبري و دنقلا وأرقين في المدارس وداخليات الطلاب واستراحات المعلمين والفندق الحكومي الوحيد مجاناً ، وذكرت المفوضية مساهمة المواطنين والمنظمات المحلية والمبادرات المجتمعية ببعض المنازل التي تقوم بإيواء الوافدين فيها ، بجانب التكفل بإطعامهم لحظة الوصول .
تجار السيد محمدخير العجمي تاجر بمحلية مروي أكد على انتعاش الأسواق في الفترة الأولى ثم بدأ الركود يتسرب رويدا إلى السوق، خاصة في الملابس والمواد التجميلية؛ وقال إن المواد الغذائية أصبحت متوفرة والأسعار في متناول الجميع، وأضاف العجمي ان المواد يتم استيرادها من جمهورية مصر واثيوبيا، وكان الطلب في بداية الحرب يتركز على مياة الصحة وعمل عدد كبير من التجار على استيرادها مما أدى إلى انخفاض الأسعار وبالتالي قلّ الطلب عليها في هذه الفترة وقال العجمي ان زيادة الأسعار تتركز فقط في المنتجات النادرة نسبة لقلة إنتاجها وعدم توفرها بسهولة وهناك بعض البضائع يتم استيرادها من الخليج عن طريق بورتسودان وان حرب الخرطوم لها تأثير على تجارة الولايات خاصة أن الكثير من المصانع والشركات تتركز في العاصمة فقط .
مواطن مروي : مهيرة علي من مواطني محلية مروي قالت هناك عدد كبير من المدارس تم فتحها للنازحين وعمل السكان على مساعدتهم (بالأسِّرّه والمواد الغذائية) مؤكدة إرتفاع اعداد النازحين يومياً مما أدى إلى زيادة قيمة الإيجارالسكني وأضافت مهيرة ان الغالبية نشهد لهم بحسن التعامل والتداخل مع المقيمين، مشيرة الى زيادات شديدة في أسعار السلع خاصة في البقالات الصغيرة داخل الأحياء وكذلك الأسواق كما أوضحت زيادة الكثافة السكانية التي ادت بدورها إلى ازدحام الطرق والأسواق والمواصلات والمؤسسات كذلك .
نازحين (م .ع.) من مواطني جنوب الخرطوم ، اوضح أن خروجهم كان بعد مرور 3 أشهر من الحرب معبّرا "كان الألم يعتصرنا لخروجنا من منزلنا خاصة وأننا لم نعتد على سفر الولايات ، ذهبنا إلى مدينة بورتسودان حيث مكثنا فيها قرابة الشهر والحقيقة تقال لم نر فيها غير كرم الأهالي والترحاب المضياف وبعد ذلك قررنا الذهاب للولاية الشمالية مرحلة أخرى من النزوح وكذلك استقبلونا بترحاب شديد وبشاشة رغم بساطتهم نشعر كل يوم بمرارة هذه الحرب " . أما (ع-ع-ا ) من مواطني ولاية نهر النيل قال كنت اسكن محلية جبل أولياء وغادرت الخرطوم منذ 22-5-2023م مجبرا بعد ان فقدت الامان وتركت منزلي وذهبت إلى مدينة الدامر ورغم استقبال الأهل ومعاونتهم لي في تيسير كل سبل الراحة الا انني اشعر بانني اصبحت ثقيلا عليهم بعد طول هذه الفترة التي لم اتوقع ان تستمر الحرب إلى هذا الوقت ، ومما عقد الامور عدم صرف المرتبات واخيرا نسأل الله ان تقف الحرب ويرجع الجميع إلى ديارهم . السيد محمد معتصم من مدينة بحري أشار بأن رحلته كانت صعبة جدا واصفاً بأن ارتكازات الدعم السريع تعاملت معهم بفظاظة و ألفاظ بذيئة رغم وجود أسر و أطفال معهم بحد تعبيره، و قال بأن الأوضاع مستقرة في مدينة ود مدني حيث يقيم، و أن حركة التجارة و أسعار السلع معقولة، و لا توجد زيادة في الأسعار، إلا أن المشكلة وفق تعبيره تكمن في انعدام مصادر الدخل ، و الشراء يكون بصورة محدودة جدا (قدر البسد الرمق) على حد قوله، مضيفًا أن فرص العمل ضئيلة بسبب اكتظاظ الناس في المدينة، و مضى في القول بأن بعض من جاءوا بالمال المدخر دخلوا في التجارة إلا أن الفائدة قليلة نسبة لأن العرض أكثر من الطلب ما أثر مباشرة في الأسعار و بالتالي في الأرباح، و أضاف بأن أكثر ما يعاني منه النازحون في مدني هو أسعار الإيجارات و التي قال إنها غالية جدًا. من ناحيتها تقول ريان النور و التي نزحت من منطقة المنارة بأم درمان - كرري إلى رفاعة بأنها و أسرتها خرجوا مع بدايات الحرب عن طريق الشرق و لم يتعرضوا لسوء المعاملة و وصلوا إلى وجهتهم دون متاعب تذكر، و قالت بأنهم لم يعانوا من غلاء الإيجارات لأنهم يقيمون بمنزل العائلة الكبير برفاعة و لكنها سمعت بأن أسعار الإيجارات مرتفعة بالمنطقة، و أضافت بأن السلع متوفرة و لكن هنالك زيادة بالمقارنة مع وضع ما قبل الحرب.
تقول ملاذ سالم بأنها و أفراد أسرتها خرجوا من منطقة الحاج يوسف يحملون فقط شنط الملابس ، و لم تتعرض لهم الارتكازات التي واجهتهم في الطريق إلى الولاية الشمالية، و أضافت أن أهل المنطقة استقبلوهم بكرم و بحفاوة كبيرين، وأوضحت بأن هناك تعاونًا بين الأهالي، حيث يخصصون يومًا في الإسبوع للبيع المخفض ، و أشارت بأن أسعار المواد الغذائية في متناول اليد إلا أن هنالك انعدامًا لفرص العمل تمامًا.
أما السيد حسن الأمين والذي نزح من منطقة المغتربين ببحري و ذهب منها لمنطقة السامراب في بدايات الحرب، قال إنه خرج إلى شندي بصعوبة نسبة لإغلاق بعض الطرق بسبب الاشتباكات، و أشار إلى أنه لم يعانِي من غلاء الإيجارات لأنه يقيم بمنزل للعائلة إلا أن أسعار الإيجارات مرتفعة جدًا، حيث تبدأ من (600 ألف) جنيه فما فوق معتبرًا ذلك نوعًا من الجشع و الاستغلال لظروف الحرب، و أضاف بأن أسعار السلع عادية و لا توجد زيادة تذكر إلا أنه أيضًا لاحظ بأن فرص العمل غير متاحة باشمهندس منذر محمد أحمد ، أحد الوافدين من ولاية الخرطوم إلى الجزيرة قال إن القرية التي ينزل فيها هي مسقط رأسه ولم يجد صعوبة في العودة إليها والإستقرار مع الأسرة هناك و أضاف أن القرية تحتوي على (3) مدارس ونادي وداخلية أساتذة جميعها ممتلئة بالنازحين وأشار إلى أن بعض أسر القرية تبرعوا بمنازلهم وذهبوا ليقطنوا مع أسرهم في قرى أخرى ، توسعة للنازحين من حرب الخرطوم وأكد أن هناك لجنة تكونت من شباب الحي للعمل على توفير مواد غذائية وخدمة من في النُزل داخل القرية ، وربما هذا ديدن كل المناطق في ولاية الجزيرة . اما بالنسبة للتجارة قال منذر أن اغلب المواد تأتي من مصر واثيوبيا و حركة البيع والشراء زادت بسبب الكثافة السكانية من النازحين والعائدين وهناك معاناة في طريقة الحصول على المواد الغذائية التي تأتي من خارج السودان ومن الخرطوم ، موضحاً أن اعتماد التجار ينصب على السوق الكبير في مدني والحصاحيصا في هذه الفترة.
عندما أعلنت الخرطوم مصابها تداعت لها بعض الولايات بالسهر والاستقبال والترحاب بأهلها ؛ خرج بعضهم دون تحديد وجهة ..دون زاد و دون جدوى للعودة .. تركوا خلفهم الديار بكل ما فيه من ذكريات ، كانت الخطة أن الغياب لن يستغرق أيام ، يراودهم حلم العودة الآمنة لتلك الحياة ! شهوراً تتجه نحو العام منذ اندلاع الحرب ولم تتغير آيات الأمل " كي تقرّ أعينهم ولا تحزن " لابأس عليهم ولا هم يحزنون.