
مدني 30-8-2020 (سونا) -إستطلعت وكالة السودان للأنباء عدداً من المشاركين في المنتدى الثقافي الإجتماعي الشهري لجامعة الجزيرة الذي التأم مؤخراً بالقاعة الدولية بمدني وطُرِح على طاولته أثر العنف الأسري على المجتمع والفئات الأكثر تأثراً بالعنف ومسببات هذا العنف وآثاره والمعالجات المقترحة ومدى توفر قوانين حماية من الشرع والدين وأوجه المقارنة بين مجتمعات غربية تتوفر فيها قوانين حماية دقيقةٍ جداً وأخرى شرقية تحكمها تقاليد ظلت عصيةً على التغيير وأيهما أكثر نجاحاً في مكافحة العنف الأسري .
ورأى د. عادل أديب بابكر من قسم الصحة النفسية بكلية الطب بجامعة الجزيرة ضرورة تبديل عبارات العنف الأسري المشحونة بطاقة سالبة بعبارات من قبيِل عوامل الإستقرار الأسري والصحة النفسية والمناخ الأسري المطلوب لمنع حدوث العنف وإنعكاساته على المجتمع وتنميته وإستقراره.
وعدّ أديب الإستقرار الأسري علاقة بين الأفراد أو مجموعة علاقات بين الأدوار التي يقوم بها الأفراد داخل الأسرة حيث يؤدي القيام بالأدوار وتحقيقها للمساعدة والإسهام في إستقرار وتهيئة المناخ النفسي داخل الأسرة. ودعا للإهتمام بأشياء وصفها بالبسيطة لها دور وإنعكاسات داخل الأسرة ومن بين ذلك عدم التفكير بالنفس فقط وخلق إحساس الشوق والإنجذاب نحو الأطفال والزوجة.
من جانبه شدد بروفيسور الحسن محمد الحسن إختصاصي النساء والتوليد على ضرورة خلخلة المفاهيم الإجتماعية وإنهاء سلطان العُرف منوهاً إلى أن كِبر واتساع المناطق الجغرافية بالبلاد أحدث نوعاً من التفاوت فى الثقافات والمفاهيم المجتمعية.
وأشار لقوة عُرف التنشئة الذي فرضته العولمة وما تبعه من خلخلة للقيم المجتمعية علاوة على ما يترتب على الفقر والعوز وضيق الحال وذل الحاجة من آثار وتعقيدات تجر إلى العنف بالإضافة إلى تراخي قبضة الدولة تجاه المعالجة وتغيير المفاهيم .. وحذرت ناشطة إجتماعية من إستفحال ظاهرة العنف تجاه الأطفال وعلى رأسها الإغتصاب وقالت : (نريد عملاً كبيراً من المجتمع فى هذا المنحى تعزيزاً لجانب الرقابة) كما طالبت بإنشاء مراكز لتقديم الدعم القانوني للمُعنفات ولفتت لإنتشار دُور المسنين بالخرطوم حيث يؤتى بهم إلى هذه الأماكن بذرائع وأسباب إعتبرتها غير موضوعية واصفةً ظاهرة العنف تجاه المسنين بغير الحميدة قاطعةً بأن إستقرار الأسرة يبدأ بوحدة مكوناتها؛ وقيامهم بأدوارهم على نحو صحيح .
ويعوِّل عبدالله آدم (ميلانو) خريج على دور الإختصاصيين النفسيين خلال المرحلة المقبلة في إحداث التحول داخل المجتمع السوداني الذي قال إنه يمتاز بتسلط ذكوري ينتج عنه عنف متعدد ضد الأنثى ورأى أن أُولى خطوات معالجته تتمثل في إعتراف المجتمع بقهر الأنثى رأى أن هنالك قهراً يرتبط بأبعاد ثقافية تبقى فى حاجة للمعالجة لجهة أن بعض المجتمعات لا تضع أي قيمة للأنثى مؤكداً أن التغيير الإجتماعي يتطلب الكثير من العمل والمعالجات وطالب (ميلانو) بسن قوانين صارمة للمواقف التي تتشكل تجاه الأنثى بجانب التنشئة وفق سلوكٍ سليم وتعزيز المسؤولية المجتمعية القائمة على التوعية وتنشيط الحركة النسوية.
وذهب بدر الدين أحمد النويري رئيس الحركة التعاونية بولاية الجزيرة إلى ما نص عليه قانون التعاون للعام 2020م والذي إشترط لإجازة مجالس الإدارة وجود عنصرين نسائيين في تكوينها وأرجع الفشل الذي لازم الجمعيات التعاونية طوال ثلاثين عاماً مضت إلى إقصاء العنصر النسائي مؤكداً أن المرأة تتساوى مع الرجل في إحتياجاتها المعيشية وشدد على ضرورة إزالة الفوارق العنصرية بين الرجل والمرأة لا سيما في الريف.
إلى ذلك أكد المواطن عبد السيد محجوب عبد السيد أن القوانين الغربية هى الأكثر انصافاً للمرأة وعدّ العنف ضد المرأة ثقافة سائدة تحد من دورها ومشاركتها في المجتمع وتحدث عن فهم خاطئ للضرب الوارد فى الشرع بحيث تتعرض المرأة لضربات قاضية تؤدي للأذى الجسيم وألمح لضرورة أن تطلع الجامعة بأدوار بحثية يستفاد من نتائجها في سن القوانين المستقبلية فى ضوء إرادة تكوين مجتمع خالٍ من التشوهات ولفت إلى أن المأوى المخصص لأطفال الشوارع (صالة الكاشف) غير مهيأ تماماً ويضم أعماراً ما بين 7 - 22 عاماً فى مكان واحد ما يُعد مسألة خطيرة تستدعي المعالجة العاجلة .
وكان إختصاصيون نفسيون وخبراء إجتماعيون قد أوصوا خلال المنتدى بمخاطبة أساس وجذور المشكلة عبر أنشطة وفعاليات تبث التوعية فى المجتمع وتعزيز دور وسائل الإعلام فى هذا الجانب وإفراد مساحات للتوعية بالعنف ضد المرأة داخل المناهج الدراسية على المستويين المدرسي والجامعي وأكدوا أهمية التعريف بالحقوق القانونية للمرأة وسن القوانين والتشريعات الضامنة لحقوقها فى الدستور السوداني مشيرين إلى أن المواد : (158- 181- 161- 157) بقانون الأحوال الشخصية للعام 1991م قد منحت المرأة حقوقها غير أن ذلك لا يمنع وجود العنف والمجتمع الذكوري بسبب إشكالات كثيرة في التنشئة وبينوا أن تحقيق إستقرار الأسرة يرتبط بمتطلبات كبيرة على رأسها الإهتداء بنهج الإسلام فى إختيار المرأة وما خطه من جوانب كثيرة لقيام الأسرة على أساس ودعائم الإستقرار مشددين على ضرورة تغيير المفاهيم والعادات والتقاليد المتجذرة فى المجتمع والمُسيِّرة لأمره .